دكتوراه الذكاء الاصطناعي.. رفاهية فات أوانها أم مسار لا غنى عنه؟
فيتصريح صادم ومثير للجدل، قدّم الباحث العربي جاد طريفي (خبير الذكاء الاصطناعي السابق في Google) نصيحته للشباب الطامحين في هذا المجال، داعياً إياهم إلى عدم إضاعة سنوات طويلة في السعي للحصول على درجة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي. برر ذلك بأن "الأوان قد فات"، وأن سباق تطوير النماذج الأساسية الكبرى يجري الآن بسرعة هائلة، وبحلول الوقت الذي ينهي فيه طالب الدكتوراه مساره الأكاديمي، ستكون أغلب التحديات التقنية الحالية قد تم تجاوزها بالفعل.
بحسب رؤية طريفي، فإن القيمة المستقبلية لن تكون في بناء النماذج من الصفر، بل في كيفية استخدامها بطرق مبتكرة لحل مشكلات واقعية. يذهب أبعد من ذلك ليؤكد أن المهارات الحاسمة في المرحلة القادمة ستكون:
(1) الذكاء الاجتماعي والتواصل الفعّال.
(2) القدرة على التعاطف وفهم احتياجات البشر.
(3) طرح الأسئلة الصحيحة على أنظمة الذكاء الاصطناعي للحصول على أفضل نتائج.
هذه الرؤية تتقاطع مع تقارير عالمية حديثة؛ فمثلاً، تقرير World Economic Forum 2024 أشار إلى أن أكثر من 60% من الشركات ترى أن القيمة الكبرى للذكاء الاصطناعي تكمن في التطبيق العملي والإبداع في الاستخدام، وليس في الأبحاث النظرية. كما أن شركات كبرى مثل OpenAI وAnthropic وGoogle نفسها بدأت تفتح واجهات برمجية جاهزة للجميع، مما يقلل الحاجة إلى تطوير نموذج من الصفر في الجامعات.
لكن في المقابل، هناك من يرى أن موقف طريفي قد يكون مبالغاً فيه. فالدكتوراه لا تقتصر على بناء النماذج فقط، بل تمنح الباحث القدرة على التفكير النقدي العميق، وصقل مهارات البحث العلمي، والمساهمة في ابتكار حلول جذرية قد تكون أساس الموجة القادمة من تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما أن الأبحاث الأكاديمية ما زالت تلعب دوراً محورياً في مجالات مثل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، تفسير النماذج، الذكاء العام الاصطناعي (AGI)، وهي قضايا لم يتم حسمها بعد.
الخلاصة: رأي جاد طريفي يفتح الباب أمام نقاش جدي: هل الدكتوراه اليوم رفاهية أكاديمية غير ضرورية في عالم سريع الإيقاع؟ أم أنها ما زالت مساراً لا غنى عنه لمن يريد أن يكون في قلب التطوير الحقيقي؟ ربما تكمن الإجابة في مزيج ذكي: من لا يملك شغف البحث الطويل يمكنه أن يركز على التطبيقات العملية والإبداع، أما من يرى نفسه باحثاً بالفطرة، فالدكتوراه ما زالت تذكرة صالحة إلى المستقبل.
مواقع